الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآيات (110- 111): {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)}{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ} دلالة على تباعد حال هؤلاء من حال أولئك، وهم عمار وأصحابه. ومعنى: إنّ ربك لهم، أنه لهم لا عليهم، بمعنى أنه وليهم وناصرهم لا عدوّهم وخاذلهم، كما يكون الملك للرجل لا عليه، فيكون محمياً منفوعاً غير مضرور {مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} بالعذاب والإكراه على الكفر. وقرئ: {فتنوا} على البناء للفاعل، أي: بعد ما عذبوا المؤمنين كالحضرمي وأشباهه {مِن بَعْدِهَا} من بعد هذه الأفعال وهي الهجرة والجهاد والصبر {يَوْمَ تَأْتِى} منصوب برحيم. أو بإضمار اذكر.فإن قلت: ما معنى النفس المضافة إلى النفس؟ قلت: يقال لعين الشيء وذاته نفسه، وفي نقيضه غيره، والنفس الجملة كما هي، فالنفس الأولى هي الجملة، والثانية عينها وذاتها، فكأنه قيل: يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره، كل يقول: نفسي نفسي. ومعنى المجادلة عنها: الاعتذار عنها كقوله: {هَؤُلاء أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38]، {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] ونحو ذلك..تفسير الآيات (112- 113): {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)}{وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً} أي جعل القرية التي هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة، فكفروا وتولوا، فأنزل الله بهم نقمته. فيجوز أن تراد قرية مقدرة على هذه الصفة، وأن تكون في قرى الأوّلين قرية كانت هذه حالها، فضربها الله مثلا لمكة إنذاراً من مثل عاقبتها {مُّطْمَئِنَّةً} لا يزعجها خوف، لأن الطمأنينة مع الأمن، والانزعاج والقلق مع الخوف {رَغَدًا} واسعاً. والأنعم: جمع نعمة، على ترك الاعتداد بالتاء، كدرع وأدرع. أو جمع نعم، كبؤس وأبؤس. وفي الحديث: نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم بالموسم بمنى: «إنها أيام طعم ونعم فلا تصوموا» فإن قلت: الإذاقة واللباس استعارتان، فما وجه صحتهما؟ والإذاقة المستعارة موقعة على اللباس المستعار، فما وجه صحة إيقاعها عليه؟ قلت: أما الإذاقة فقد جرت عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في البلايا والشدائد وما يمسّ الناس منها، فيقولون: ذاق فلان البؤس والضر، وأذاقه العذاب: شبه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المرّ والبشع. وأما اللباس فقد شبه به لاشتماله على اللابس: ما غشي الإنسان والتبس به من بعض الحوادث. وأما إيقاع الإذاقة على لباس الجوع والخوف، فلأنه لما وقع عبارة عما يغشى منهما ويلابس، فكأنه قيل: فأذاقه ما غشيهم من الجوع والخوف، ولهم في نحو هذا طريقان لابد من الإحاطة بهما، فإن الاستنكار لا يقع إلا لمن فقدهما، أحدهما: أن ينظروا فيه إلى المستعار له، كما نظر إليه ههنا. ونحوه قول كثير:استعارة الرداء للمعروف، لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لما يلقى عليه. ووصفه بالغمر الذي هو وصف المعروف والنوال، لا صفة الرداء، نظر إلى المستعار له.والثاني: أن ينظروا فيه إلى المستعار، كقوله: أراد بردائه سيفه، ثم قال: فاعتجر منه بشطر، فنظر إلى المستعار في لفظ الاعتجار، ولو نظر إليه فيما نحن فيه لقيل: فكساهم لباس الجوع والخوف، ولقال كثير: ضافي الرداء إذا تبسم ضاحكاً {وَهُمْ ظالمون} في حال التباسهم بالظلم، كقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) نعوذ بالله من مفاجأة النقمة والموت على الغفلة. وقرئ: {والخوف} عطفاً على اللباس، أو على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. أصله: ولباس الخوف. وقرئ: {لباس الخوف والجوع}. .تفسير الآيات (114- 115): {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}لما وعظهم بما ذكر من حال القرية وما أوتيت به من كفرها وسوء صنيعها، وصل بذلك بالفاء في قوله {فَكُلُواْ} صدّهم عن أفعال الجاهلية ومذاهبهم الفاسدة التي كانوا عليها، بأن أمرهم بأكل ما رزقهم الله من الحلال الطيب، وشكر إنعامه بذلك، وقال: {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} يعني تطيعون. أو إن صحّ زعمكم أنكم تعبدون الله بعبادة الآلهة، لأنها شفعاؤكم عنده. ثم عدد عليهم محرمات الله، ونهاهم عن تحريمهم وتحليلهم بأهوائهم وجهالاتهم، دون اتباع ما شرع الله على لسان أنبيائه..تفسير الآيات (116- 117): {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}وانتصاب {الكذب} بلا تقولوا، على: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم {مَا فِي بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا} [الأنعام: 139] من غير استناد ذلك الوصف إلى وحي من الله أو إلى قياس مستند إليه، واللام مثلهافي قولك: ولا تقولوا لما أحل الله هو حرام. وقوله: {هذا حلال وهذا حَرَامٌ} بدل من الكذب. ويجوز أن يتعلق بتصف على إرادة القول، أي: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول هذا حلال وهذا حرام. ولك أن تنصب الكذب بتصف، وتجعل (ما) مصدرية، وتعلق {هذا حلال وهذا حَرَامٌ} بلا تقولوا: على ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي: لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قول ساذج ودعوى فارغة.فإن قلت: ما معنى وصف ألسنتهم الكذب؟ قلت: هو من فصيح الكلام وبليغه، جعل قولهم كأنه عين الكذب ومحضه، فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصوّرته بصورته، كقولهم: وجهها يصف الجمال. وعينها تصف السحر. وقرئ: {الكذب} بالجرّ صفة لما المصدرية، كأنه قيل: لوصفها الكذب، بمعنى الكاذب، كقوله تعالى {بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18] والمراد بالوصف: وصفها البهائم بالحل والحرمة. وقرئ: {الكذب} جمع كذوب بالرفع، صفة للألسنة، وبالنصب على الشتم. أو بمعنى: الكلم الكواذب، أو هو جمع الكذاب من قولك: كذب كذاباً، ذكره ابن جني. واللام في {لّتَفْتَرُواْ} من التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض {متاع قَلِيلٌ} خبر مبتدأ محذوف، أي منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم..تفسير الآية رقم (118): {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}{مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ} يعني في سورة الأنعام..تفسير الآية رقم (119): {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}{بِجَهَالَةٍ} في موضع الحال، أي: عملوا السوء جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه، أو غير متدبرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم {مِن بَعْدِهَا} من بعد التوبة..تفسير الآيات (120- 122): {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)}{كَانَ أُمَّةً} فيه وجهان، أحدهما: أنه كان وحده أمّة من الأمم لكماله في جميع صفات الخير كقوله:وعن مجاهد: كان مؤمناً وحده والناس كلهم كفار.والثاني: أن يكون أمّة بمعنى مأموم، أي: يؤمّه الناس ليأخذوا منه الخير، أو بمعنى مؤتم به كالرحلة والنخبة، وما أشبه ذلك مما جاء من فعلة بمعنى مفعول، فيكون مثل قوله {قَالَ إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] وروى الشعبي عن فروة بن نوفل الأشجعي عن ابن مسعود أنه قال: إنّ معاذاً كان أمّة قانتاً لله، فقلت: غلطت، إنما هو إبراهيم. فقال: الأمّة الذي يعلم الخير. والقانت المطيع لله ورسوله، وكان معاذ كذلك.وعن عمر رضي الله عنه أنه قال- حين قيل له: ألا تستخلف؟-: لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته: ولو كان معاذ حياً لاستخلفته. ولو كان سالم حياً لاستخلفته فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أبو عبيدة أمين هذه الأمّة، ومعاذ أمّة قانت لله، ليس بينه وبين الله يوم القيامة إلا المرسلون، وسالم شديد الحب لله، لو كان لا يخاف الله لم يعصه» وهو ذلك المعنى، أي: كان إماماً في الدين؛ لأنّ الأئمة معلموا الخير. والقانت: القائم بما أمره الله. والحنيف: المائل إلى ملة الإسلام غير الزائل عنه. ونفى عنه الشرك تكذيباً لكفار قريش في زعمهم أنهم على ملة أبيهم إبراهيم {شَاكِراً لأنْعُمِهِ} روي أنه كان لا يتغدّى إلا مع ضيف، فلم يجد ذات يوم ضيفاً، فأخر غداءه، فإذا هو بفوج من الملائكة في صورة البشر، فدعاهم إلى الطعام فخيلوا له أنّ بهم جذاماً؟ فقال: الآن وجبت مواكلتكم شكراً لله على أنه عافاني وابتلاكم {اجتباه} اختصه واصطفاه للنبوّة {وَهَدَاهُ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} إلى ملة الإسلام {حَسَنَةٌ} عن قتادة: هي تنويه الله بذكره، حتى ليس من أهل دين إلا وهم يتولونه. وقيل: الأموال والأولاد، وقيل: قول المصلي منا: كما صليت على إبراهيم {لَمِنَ الصالحين} لمن أهل الجنة. .تفسير الآية رقم (123): {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} في (ثم) هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجلال محله، والإيذان بأنّ أشرف ما أوتي خليل الله إبراهيم من الكرامة، وأجلّ ما أولي من النعمة: اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملته. من قبل أنها دلت على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليه بها..تفسير الآية رقم (124): {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)}{السبت} مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها. إنما جعل وبال السبت وهو المسخ {على الذين اختلفوا فِيهِ} واختلافهم فيه أنهم أحلوا الصيد فية تارة وحرّموه تارة، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه وتعظيمه. والمعنى في ذكر ذلك، نحو المعنى في ضرب القرية التي كفرت بأنعم الله مثلاً، وغير ما ذكر، وهو الإنذار من سخط الله على العصاة والمخالفين لأوامره والخالعين ربقة طاعته.فإن قلت: ما معنى الحكم بينهم إذا كانوا جميعاً محلين أو محرّمين؟ قلت: معناه أنه يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلين تارة ومحرّمين أخرى ووجه آخر: وهو أنّ موسى عليه السلام أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يوماً للعبادة وأن يكون يوم الجمعة، فأبوا عليه وقالوا: نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت، إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة، فهذا اختلافهم في السبت لأن بعضهم اختاره وبعضهم اختار عليه الجمعة، فأذن الله لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة، فكانوا لا يصيدون فيه، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك، وهو يحكم {بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} فيجازي كل واحد من الفريقين بما يستوجبه. ومعنى جعل السبت: فرض عليهم تعظيمه وترك الاصطياد فيه. وقرئ: {إنما جعل السبت}، على البناء للفاعل وقرأ عبد الله: {إنا أنزلنا السبت}..تفسير الآية رقم (125): {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}{إلى سَبِيلِ رَبّكَ} إلى الإسلام {بالحكمة} بالمقالة المحكمة الصحيحة، وهي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة {والموعظة الحسنة} وهي التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها. ويجوزأن يريد القرآن، أي: ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة {وجادلهم بالتى هِىَ أَحْسَنُ} بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين، من غير فظاظة ولا تعنيف {إِنَّ رَّبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ} بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة، ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل، وكأنك تضرب منه في حديد بارد.
|